الأحد، 21 أغسطس 2011

الشهيد عبد الكريم حساني



• ابن الطيب حساني الرجل المعدم الذي كان رمالا , يرفع الرمل على ظهره ويسقي الأرض بعرقه , والزهرة حساني الأم المربية التي قدمت للجزائر بطلا تتباهى به الأجيال.
• ولد عبد الكريم سنة 1939 من عائلة فقيرة بقرية البهيمة بوادي سوف جنوب الجزائر, اصغر أبناء الطيب الخمسة بعد فاطمة ومحمد وعبد الحفيظ وتونس , عاش طفولته مع أترابه , تعلم وحفظ ما تيسر من القران بمسجد القرية على يد جده الإمام - بن حميدة-
• التحق بمدرسة البهيمة المختلطة - المسماة حاليا الشهيد تجيني الطاهر – في أكتوبر 1947 بعد عام من افتتاحها .
• ولان الحياة قاسية قساوة ظلم الاستعمار في تلك السنوات العجاف , وحتى يعمل ويساعد أسرته على صعوبات الحياة , التحق الشهيد بأخيه عبد الحفيظ بمدينة برج بوعريريج بداية سنة 1954 بعد أن سبقه هذا الأخير إليها .
• عمل عبد الكريم رغم صغر سنه عاملا أجيرا عند أقاربه لفترة , ثم اتخذ وأخاه عبد الحفيظ طاولة لبيع الحلوى مصدرا لرزقهما أمام ملعب البرج – مسعود بوزيدي حاليا –
• كان الفتى الشاب اليافع يتقد قوة و شبابا و ذكاءا , يتمتع بشخصية جذابة يبيع الحلوى للأطفال كل يوم, ويودعهم بابتسامات بريئة عريضة ورهافة حس كبيرة وكأنه يعطيهم حلوى النصر من جهة , ويسلمهم مشعل الحرية من جهة أخرى , كان الفتى الموسوم ببراءة الأطفال الذي يعده القدر لتسلم المهام العظيمة....مهام الرجال.
• ومع اندلاع الثورة التحريرية اشهرا بعد التحاق عبد الكريم بالبرج , ولأنه تميز بخصال الشاب الهاديء الرزين المسالم محل الثقة والاحترام , لفت هذا الفتى أنظار الفدائيين الذين تقربوا منه واتخذوه صديقا أمينا مكلفا بمهام , وأية مهام اجل وأسمى من شرف النضال .
• لم تدم فترة السرية في نضال عبد الكريم طويلا , فقد تقرر أن يقوم بمهام اكبر وأصعب .....الصعود للجبل....
• تنقل الشهيد عبد الكريم حساني بين جبال البرج مع إخوانه , مجاهدا مدافعا عن وطنه , يتوسد الحجر ويأكل الخبز الأخضر, لا يرى إلا الحرية أو الشهادة مطلبا إلى أن وقع عليه الاختيار.......
• فرقة الكومندوس التي كونتها الثورة الجزائرية , أعطت المثال في السرية والاحترافية والروح القتالية العالية , اعتمدت قيادة الثورة عليها في حالة عجز المجاهدين أو استحالة القيام بعمليات خاصة.
كلفت فرق الكومندوس بالتدخل العاجل في العمليات الخطيرة والمستعصية والمهام
الصعبة , كفك الحصار وإعلاء صوت الثورة و القيام بعمليات ضد المستعمر وسط المدينة وتصفية الخونة وحراسة القادة ونقل الرسائل المهمة المستعجلة , وكل العمليات التي يصعب على المجاهدين القيام بها.
• احتضنت بيوت البرج و مداشرها , الشهيد عبد الكريم السوفي لما له من مكانة ومحبة وثقة , تنقل بين جبال العناصر والمنصورة والمقدم وشرشار والواد الأخضر وفيلاج تبخيارت والمخمرة ومشتة النويظير , جاعلا منها المخبأ والمعين واستراحة المقاتل.
• ولان الفتى قد أصبح شابا فقد تقرر أن يتزوج , وافق الجيش , ولم تكن شريكة حياته القصيرة تلك , إلا المجاهدة الممرضة - مباركة لحرش – تلك البنت الصغيرة التي تربت في الحي القديم , يعرفونها اعز المعرفة.
• ولان صدى ما يقوم به عبد الكريم قد بلغ الأسماع , استنفر قادة الاستعمار الفرنسي جميع وحداته للتمكن منه حيا أو ميتا , كان السوفي الذي ارهبهم فسموه التانغ أو الدبابة وجر ذلك على أخيه عبد الحفيظ التعذيب والتنكيل الشديدين .
• سنة 1960
• الليلة الأخيرة
• في ليلة مظلمة باردة من ليالي شتاء البرج , الليلة الأخيرة التي لن تسمع المدينة بعدها وطأ لأقدام عبد الكريم , تزلزل أركان الغزاة و الخونة , وتزرع الأمل في نفوس الأهالي , كانت هذه الليلة بداية النهاية.
• استشهد عبد الكريم حساني , وارتفعت روحه تجوب الأزقة التي احتضنته , والجبال التي آوته , والقرية التي أنجبته , ارتفعت روحه الشريفة رافضة الذل والاستسلام , تاركة الدمع في مآقي الأحبة , تقابلها فرحة العدو الكبيرة بمقتل بائع الحلوى الحلوة الذي أذاقهم المر والخوف لسنوات .
• وهيهات أن تهتز الهمم , كبر الرجال , وخرجت النسوة يملان المدينة زغاريدا , يبكين ابنا شجاعا أبيا , و يسقين جثتي الشهيدين عطرا نديا ظل لأيام يعبق المكان برائحة الشهادة الزكية , صار عبد الكريم ابن الطيب والزهرة ابن الجزائر الحرة .
• فارق عبد الكريم الحياة , تاركا أما تبكي اصغر أبنائها , أبا يعتصر حزنا , زوجة متألمة , وابنة لم يلاعبها كالآباء, لم يعطها الحلوى , ولم يسمعها تقول له يا أبي , فارق الحياة ورفاق له وأصدقاء طيفه لا زال في وجدانهم يعيش حيا طول الأبد.
• لم يمت عبد الكريم حساني , لان الشهداء لا يموتون أبدا , في موتهم حياة وفي حياتهم موت للغزاة , عاشوا لأجلنا وماتوا لأجلنا ....لأجل الجزائر
• استشهد عبد الكريم السوفي متوكلا على الله , مكبرا , حاملا رشاشه بيده وكانا به يبعث برسائله
• أمي ....لا تبك يا أمي , فاني مت حتى تفرحي , بفرحة الحرية والاستقلال , تشتاقين إلى واشتاق إليك , ولكن اشتياقي إلى الشهادة اكبر .....أردت أن تزفيني عريسا و توشحيني ببرنوسي الأبيض , وها قد زفتني أمهاتي بالبرج عريسا شهيدا في سبيل الله.
• أبي .....أيها الطيب الذي رباني , أرنو إليك أبي ,إلى نظراتك , إليك في الحوش توزع الحب بيننا , نتقاسم كسرة الخبز اليابسة في دفء .....أبي ها أنا قد مت من اجل أن ترفع راسك حرا في وطنك , لا يطأطيء بريدو والمستعمرون لك رأسا.
• أبناء بلدي ..... أبناء الجزائر..... ها أنا ابعث بهذه الرسالة علها تجدكم في أحسن حال , يرفرف العلم الوطني في سمائنا , ويعيش الوطن في دمائنا , ويمرح أبنائي على ارض أجدادهم أحرارا...... ها أنا أوصيكم بحب الوطن , فاني يوم حاصرني العدو مع رفيقي وانهالت النيران والرصاص عني من كل جانب , لم أر إلا الله ملجأ , فما استسلمنا ولن نستسلم دوما , حب الجزائر في عروقنا سرى , وما ندمنا ولن نندم أبدا , حب الشهادة في دمائنا جرى .
.المصدر - الجمعية التاريخية حساني عبد الكريم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق